الحضارة في بلاد الرافدين تشمل كل من الحضارة السومرية , الحضارة الاكدية بالاضافة الى العصر البابلي القديم. سيتم تسليط الضوء على هذه الحضارات الثلاثة التي تعتبر الاقدم في العالم. تم الاعتماد على تعاليم هذه الحضارات ودراسة كيفية تطورها وعلى اثرها بنيت حضارات اخرى . يمكن اعتبار حضارة وادي النيل مستقلة وقد تعاقب عليها ملوك لأكثر من سلالة وليس الفراعنة فقط. الصفحة سوف تكون مدعمة بالصور من اجل توضيح معالم هذه الحضارات.
الحضارة السومرية
السومريون هم مؤسسي الحضارة السومرية وهم من أقدم الشعوب العريقة التي استطاعت وضع الأساس لبناء الحضارة في القسم الجنوبي من العراق القديم والذي عرف ببلاد سومر، وشيدوا القرى والمدن وبنوا فيها البيوت والمعابد، وقد استخدموا الكتابة لتدوين شؤون حياتهم اليومية مثل مصروفات الدولة والمعابد وعقود البيع والشراء، إذ كانت للكتابة أهمية كبيرة بوصفها من المنجزات الحضارية في تاريخ الإنسان العراقي القديم. وعرف العصر الذي ظهر فيه السومريون في عصر فجر السلالات السومرية وشهد ذلك العصر تشکيل أنظمة سياسية عرفت بدويلات المدن السومرية مثل (أريدو – لكش- الوركاء- کیش – أور) وفيها ولد نبي الله إبراهيم الخليل أبو الأنبياء (عليه السلام)، وهو الذي بني مع إبنه إسماعيل (عليهم السلام) البيت الحرام بأمر من الله عز وجل، ومنذ ذلك اليوم أصبحت الكعبة رمزا للتوحيد .
الحضارة الاكدية
الحضارة الاكدية او الاكديون هم من أقدم القبائل المهاجرة من الجزيرة العربية إلى بلاد وادي الرافدين، سكنوا القسم الأوسط من العراق، واختلطوا مع السومريين، إذ اثبتت المكتشفات الأثرية في المدن السومرية أن هذه الأقوام من سومريين وأكديين مارست جميعا أنظمة سياسية وأعرافة وعادات اجتماعية متشابهة وكان لها المعتقدات والطقوس الدينية نفسها ونقصد هنا السومريين ممن يتكلمون اللغة السومرية والأكديين تلك القبائل التي كانت تتكلم اللغة الأكدية الجزرية نسبة إلى جزيرة العرب موطنهم الأصلي.
تمكن سرجون الأكدي (۲۳۷۱-۲۳۱۹ ق.م) من تأسيس أول إمبراطورية في العالم القديم، عرفت بالإمبراطورية الأكدية . دام حكمها قرن ونصف، واتسم عهده بالفتوحات الخارجية إلى البلدان المجاورة، ويعد سرجون من أعظم القادة السياسيين والعسكريين، وقد اتخذ مدينة أكد عاصمة له، وقد خلف سرجون الأكدي عدد من الملوك الأقوياء مثل ریموش، ونرام سين ويعني محبوب الآله ولقب ( بملك الجهات الأربع) ويعد من أبرز خلفاء الملك سرجون الأكدي، إلا إن ضعف الدولة الأكدية في عهد آخر ملوكها (شاركالي شري) أدى إلى سقوطها على أيدي الكوتيين، وهم قبائل جبلية غير متحضرة كانت تقطن جبال زاكروس في شمال العراق ، تمكنوا من القضاء على الأكديين وتعد حقبة حكمهم من الحقب المظلمة في التاريخ السياسي والحضاري للبلاد إلى أن تمكن (أوتو حیکال) أحد الأمراء السومريين من طرد الكوتيين والقضاء عليهم وتحرير البلاد منهم، بعد أن سيطروا على مقدراتها الاقتصادية نحو قرن من الزمن .
بعد ذلك حدثت تغييرات على المستوى السياسي للبلاد تمكن خلالها الملك ( أورنمو) من تأسيس سلالة جديدة عرفت بسلالة أور الثالثة (۲۱۱۳ ق.م)، إذ استطاع هذا الملك توحيد البلاد سياسيا، إذ شهدت في عهده إنجازات عمرانية لأهتمامه بالبناء والعمران ومن أشهر إنجازاته بناء الزقورة ، كما يعد ( أور نمو) أقدم المشرعين في التاريخ، إذ وصل إلينا قانونه مدونا باللغة السومرية ويتكون من أكثر من (۳۷ مادة قانونية)، فضلا گن المقدمة والخاتمة، وكانت نهاية حكم هذه السلالة هي نهاية أخر العهود السياسية السومريين وبداية العصر البابلي القديم ونقصد بهذا العصر المدة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة ونهاية سلالة بابل الأولى سنة (1595 ق.م).
العصر البابلي القديم
العصر البابلي القديم يختلف عن كل من الحضارة السومرية بالإضافة إلى الحضارة الاكدية. في هذ العصر عادت البلاد إلى نظام دويلات المدن، والذي كان أول نظام سياسي ظهر في حضارة بلاد الرافدين، ومن اهم السلالات الحاكمة في هذا العصر :
- سلالة ايسن.
- سلالة لارسا.
- سلالة اشنونا .
- سلالة ماري.
- سلالة الوركاء.
- سلالة بابل الأولى.
- بلاد آشور.
العصر البابلي القديم اشتهرت فيه السلالات وهذا لم نجده في الحضارة السومرية ولا في الحضارة الاكدية. توجد كذلك غيرها من السلالات والممالك الحاكمة، وتعد سلالة بابل الأول من أهم تلك السلالات ، إذ تمكن سادس ملوكها الملك حمورابي، من فرض الوحدة السياسية وتوحيد البلاد، حكم هذا الملك اثنين وأربعين عاما ( ۱۷۹۲-۱۷۵۰ ق.م)، وترك لنا مسلة تضم (۲۸۲ مادة قانونية متنوعة).
إن أبرز نتائج العصر البابلي القديم هو ظهور حركة واسعة من التدوين والتأليف والنقل والترجمة، ومنها ظهر الكثير من ألواح الطين المدونة بشؤون الحياة المختلفة والمعاملات التجارية مثل معاملات البيع والشراء والإيجارات والقروض والأحوال الشخصية والشرائع المدونة مثل ( قانون لبت عشتار) و(قانون أشنونا) ، و ( قانون حمورابي)، وكذلك تميز هذا العصر بانفصال سلطة الملك عن السلطة الدينية.
الاشوريين من ضمن حضارة بابل القديمة لا يتبعون الى الحضارة السومرية وكذلك فهم مستقلين عن الحضارة الاكدية. بلغت حضارة العراق أوج عظمتها وازدهارها في عهد الملك (حمورابي)، ولكن بعد وفاته ضعفت الدولة وتدخلت العناصر الأجنبية، إذ أدت الظروف السياسية بشكل عام في البلاد إلى ظهور الآشوريون في القسم الشمالي من العراق وعرفت منطقتهم باسم (بلاد آشور) نسبة إلى أول عاصمة لهم المسماة (آشور) والتي كانت تتمتع بمركز ديني خاص ويمكن عد تاريخ تولي الملك (ادد – نيراري الثاني) الحكم بداية لعصر جديد في تاريخ الآشوريين نظرا للأنتعاش الاقتصادي والتوسع العسكري والازدهار الحضاري .
ومن أبرز ملوك الآشوريين ( سرجون) ۷۲۱ – ۷۰۰ ق.م وإبنه ( سنحاريب ) و حفيده (آشور بانیپال)، الذي قاد الجيوش الآشورية لتوسيع نفوذه في وادي النيل وسوريا وفلسطين، فضلا عن أهتمامه بفنون الكتابة . انتهى عهد الآشوريين بظهور الملك (نبو بلا صر) مؤسس الدولة الكلدانية الحديثة آخر السلالات البابلية الذي تمكن من القضاء على نفوذ الآشوريين في نهاية القرن السابع قبل الميلاد، كما برز من تلك الدولة الملك (نبوخذ نصر الثاني) والذي يعد من أعظم الملوك سياسيا وعسكريا فضلا عن ابداعاته في ناحية والعمران والبناء ، شملت دولته بلاد الرافدين وبلاد الشام، وحكم بعده ملوك ضعفاء فانتهزت الدولة الأخمينية الفرصة وأسقطت بابل في عام (539 ق.م).