حماية المنتجات سواء كانت محلية او رقمية امر من المهم معرفته . في عالم المنتجات الرقمية يشكل الحفاظ على الحقوق وحفظ المنتج و عمليات القرصنة هاجسا للكثيرين، وقد يكون هذا الأمر سببا في عدم إقبال الكثير من الأشخاص على بيع المنتجات الرقمية، فالبرمجيات على سبيل المثال ومهما كانت درجة حمايتها والطرق المستخدمة للحفاظ عليها إلا أنه لا يوجد حل جذري لمنع قرصنتها، أما الكتب الرقمية وما شابهها فالأمر أسهل بمراحل، لأن انتهاك الحقوق فيها يكون برابط ينشر على شبكة الإنترنت! فهل كل هذه العوائق تشكل حاجزا ومانعا عن أن تبدأ عملك في هذا العالم؟.
أصل المشكلة حول حماية المنتجات من القرصنة
عندما ننظر إلى هذه المشكلة نجد أنها تشكل عامل إحباط دون شك، فكل شخص يتعب ويسهر ويصرف المال من أجل إعداد منتج رقمي عالي المستوى ليقدم من خلاله خدمة للآخرين؛ ويحقق دخلا ماليا مستحقا نظير عمله سيصاب بردة فعل سلبية في حال وجد منتجه قد انتشر على شبكة الإنترنت وأصبح متاحة بشكل مجاني، وكل ذلك من دون أن يراعي من قام بالانتهاك كل العناء الذي تكبده صاحب المنتج، وبكل تأكيد فإن هذا الفعل لا يمكن أن يبرره أحد.
قرصنة المنتجات الرقمية من أسباب ابتعاد الكثير من الأشخاص عن هذا العالم، فليس هناك وسائل حماية كاملة لأي منتج. وعند التفكير في النواحي القانونية وفي حق لجوء الطرف المتضرر للقضاء نجد في الأمر صعوبة أيضا من ناحية أو أكثر، فبعض المنتجات الرقمية بسيطة وتحقق دخلا محدودا لأصحابها، وقد لا يتمكن صاحبها من التوجه نحو القانون، والأكثر صعوبة هو عدم وجود أنظمة صارمة لمكافحة الجرائم المعلوماتية في الكثير من الدول، وحتي على فرض وجود هكذا قوانین.
فإن اختلاف بلد صاحب الحق وبلد من قام بالانتهاك يشكل عاملا آخرأ في زيادة صعوبة اتخاذ هكذا إجراء، ولعل الأهم بالنسبة لك وأنت تقرأ هذه الأسطر وقد تكون انتهيت للتو من إعداد منتجك أو ستقوم بإعداده قريبا أن منتجك الجديد ليس بالحجم الذي يسمح لك باتخاذ هكذا خطوة في حال قام أحد الأشخاص بقرصنته.
كل ما ذكر بالأعلى صحيح، وجميع تلك الاحتمالات واردة الحدوث لأي منتج رقمي، خصوصا إذا كان ذلك المنتج ذا جودة عالية، ولكن هل هذا حقا يمثل عائقا؟ . لننظر إلى الواقع من حولنا، ونبحث عن أمثلة من واقع الحياة، لعل أكثر ما يتم قرصنته وانتهاكه في أيامنا هذه هي البرمجيات بمختلف أنواعها، سواء كانت برامج مكتبية، برمجيات الإنترنت، أو تطبيقات الهواتف الذكية، وهناك الكثير من الأمثلة، فنظام التشغيل ويندوز والذي تملكه عملاقة البرمجيات مايكروسوفت تمت قرصنة جميع نسخه، وبرامج شركة أدوبي الشهيرة.
كذلك، والحال نفسه ينطبق على أغلب إن لم يكن جميع البرمجيات الشهيرة، فهل تسبب ذلك في قيام تلك الشركات بإيقاف عملها وخروجها من الأسواق؟. حماية المنتجات قد لا يعني تجنب نشر النسخ المقرصنة منها وانما التحديث المستمر. هذا التحديث يصل الى المرخصين فقط.
قد تقول الآن بأن تلك شركات كبيرة ولا يمكن أن أقارن نفسي بها، فهي قادرة على تحقيق أرباح خيالية حتى مع عمليات القرصنة، جميل؛ إذا لنفكر بشيء آخر، لو ابتعدنا قليلا عن المنتجات الرقمية ونظرنا إلى الكتب التقليدية المطبوعة، هل هي بمأمن عن عمليات القرصنة؟.
منذ زمن بعيد كان هنالك دور للآلات الناسخة في انتهاك الحقوق من خلال بيع نسخ مصورة من الكتب المطبوعة بأسعار أرخص! وأتي بعد ذلك الإنترنت، فالكتب المطبوعة يتم تحويلها إلى نسخ إلكترونية ومن ثم تنشر على شبكة الإنترنت وبشكل مجاني، فهل ينبغي أن يكون هذا عائقا وسببا في ترك الكتابة والابتعاد عنها؟ والأمر نفسه ينطبق على مختلف المجالات.
قد تقول بأني أحاول تقليل أهمية الأمر وهذا غير صحيح، فليس المقصود مما ذكر بالأعلى أن عمليات القرصنة لا تؤثر على بائع المنتجات الرقمية، بل المقصود أنها لا ينبغي أن تكون سببا في ترك المجال لأن بإمكاننا أن نتجاوزها، نعم، يمكننا أن نتجاوزها بذكاء.
مثال عملي حول حماية أي منتج رقمي
قالب صحيفة المنصة ووردبريس والذي تحدثت عنه سابقا تمت قرصنته ونشره مجانا، ومع ذلك استمر القالب في تحقيق المبيعات، وهو حاليا ضمن المراكز العشرين الأولى في عدد المبيعات تحت تصنيف قوالب وورد برس من أصل أكثر من 17 ألف قالب في الموقع العالمي ThemeForest. ما هو السر وراء ذلك؟ ولماذا يقبل الكثيرون على شرائه مع انتشاره وتوفره بشكل مجاني؟. هذا القالب يدخل ايضا ضمن حماية القوالب او المنتجات الرقمية الخاصة بالقالب.
عندما تلقي نظرة سريعة على صفحة المبيعات الخاصة بالقالب تجد بأنه قد أضيف إلى الموقع بتاريخ قريب أي قبل حوالي سنتين ونصف، وخلال هذه المدة صدر أكثر من 40 تحديث للقالب، وقد تنوعت التحديثات بين إضافة خصائص جديدة، تطوير خصائص سابقة، أو حل بعض المشكلات، هل اتضحت الصورة؟ النسخة أو النسخ المقرصنة د القالب لا يمكن لمستخدميها الحصول على التحديثات أولا بأول، وقد لا يمكنهم الحصول على أي نسخ مقرصنة أخرى، وهذا قد يعني ظهور بعض المشكلات لديهم، فمع تحديث نسخ منصة ووردبرس.
قد يكون من اللازم إجراء بعض التحديثات على القالب، ولأنهم لم يقوموا بالشراء فلن تكون لهم القدرة على فعل ذلك، بل حتى لو استمر القالب في العمل دون مشكلة، فإن الخصائص الجديدة التي يتم إضافتها للقالب تشكل في كثير من الأحيان عامل إغراء، وبالتالي قد يتجه مستخدم النسخة المقرصنة لشراء نسخة مدفوعة بغرض الحصول على التحديثات أولا بأول.
ما أردت الوصول إليه بأن التحديث المستمر للمنتج يقلل من الضرر الذي يحدث بسبب عمليات القرصنة، وحتى الأشخاص الذين يتجهون للحصول على نسخ مقرصنة من المنتج سيشعرون بالملل مع مرور الوقت من البحث عن نسخ جديدة في كل مرة، فيتركون حينها استخدام المنتج أو يتجهون إلى شراءه في حال حاجتهم له.
جميل، ولكن هل هذا ينطبق أيضا على منتجات مثل الكتب الرقمية والدروس المصورة أم أن تطبيقه يقتصر فقط على بعض المنتجات التقنية مثل البرمجيات والقوالب؟ في الحقيقة أن التحديث المستمر للمنتج فعال حتى بالنسبة للكتب الرقمية والمنتجات المشابهة لها، فإعداد نسخ محدثة من الكتاب تحتوي على معلومات جديدة يجعل النسخ السابقة أقل أهمية، خاصة وأن العلوم في كافة المجالات تتطور باستمرار، وبالتالي فإن المعلومة الصالحة للعام الحالي قد تكون بلا قيمة تذكر في العام القادم.
ما تحدثت عنه بالأعلى لا يعني أن لا تتخذ الإجراءات الممكنة لحماية منتجك من عمليات القرصنة، فبالنسبة للبرمجيات مثلا؛ ينبغي عليك أن تعمل على كل ما من شأنه الحفاظ على حقوقك، والأمر نفسه بالنسبة للمنتجات الأخرى، ولكن المقصود أنه وفي حال اتخاذك لكافة الإجراءات التي تضمن حماية منتجك ومع ذلك تمت قرصنته؛ فهذا ليس سببا لترك بيع المنتجات الرقمية، فما تستطيع تحقيقه من منتج متميز سيجعلك تتجاوز هذه المشكلة.
التحديث المستمر لمنتجك الرقمي يقلل من الأضرار الناتجة عن عمليات القرصنة فعليك دائما الالتزام بإصدار نسخ محدثة من منتجك باستمرار.
هناك بعض الخطوات العملية والتي يمكن اتباعها في سبيل حماية منتجك الرقمي، فيمكنك مثلا أن تستخدم خدمة Google Alerts ليصلك تنبيه بكل ما ينشر حول منتجك، ولمن لا يعرف الخدمة خدمة مقدمة من شركة جوجل تتيح لك إمكانية إضافة كلمة مفتاحية لترسل لك تنبيهات عن المحتوى الجديد والذي تم إضافته لشبكة الإنترنت ويتوافق مع الكلمات التي قمت بتحديدها.
يمكنك من خلال هذه الخدمة وبعد أن تصلك تنبيهات عن الكلمة المفتاحية التي حددتها ولتكن اسم منتجك، التعرف على ما ينشر حول المنتج على شبكة الإنترنت، وهذا يتيح لك معرفة أي موقع أو فرد يقوم بنشر المنتج بطريقة غير نظامية حتى تتمكن من مراسلته وتطلب منه إزالته، وفي حالة عدم الاستجابة؛ يمكنك حينها أن ترسل تبليغا لمحركات البحث حول هذه المخالفة مع تقديم كافة الإثباتات ليتم إزالة الصفحة المخالفة من النتائج.
لعل أكثر الناشرين للمنتجات المقرصنة يستخدمون مواقع الرفع العالمية لنشر تلك المنتجات، وسياسات تلك المواقع لا تسمح أبدا بانتهاك حقوق الملكية الفكرية، فيمكنك عند اكتشاف انتشار المنتج على أي من تلك المواقع أن تقوم بمراسلة الدعم الفني هناك وتقدم لهم ما يثبت انتهاك رابط معين لديهم لحقوقك.
كلمة أخيرة حول حماية المنتجات الرقمية
أفضل طريقة لتحويل أحلامك إلى حقائق هي أن تستيقظ، هذه العبارة لها دلالة واضحة بأن الأحلام لا قيمة لها ما لم تبدأ بترجمتها إلى واقع من خلال العمل الجاد، فإذا أردت أن تعمل على شبكة الإنترنت وتحقق نجاحا واسعا وتصل إلى استقلاليتك المالية فإن كل ذلك لا يمكن أن يصبح واقعا باستخدام الطرق والأساليب الوهمية المنتشرة هنا وهناك، بل إنه يتحقق من خلال العمل السليم والمبني على أساس واضح.
إعداد المنتجات الرقمية يعد بمثابة ثورة جديدة في العصر الحديث، وما يميز هذا المجال أنه مفتوح للمحترفين والمبتدئين على حد سواء، فهو ليس حكرأ على فئة معينة، بل يمكن لكل من يمتلك مهارة أو موهبة تساعده على إفادة الآخرين أن يحولها لمنتج رقمي ويبدأ بتحقيق الربح.
تذكر، أنه لكي تنجح في هذا العالم يجب أن تأخذ الموضوع بجدية، فهذا المجال ليس للتسلية، بل إنه عمل جاد ينبغي أن يبنى وفق خطط واضحة ومرسومة، وأن يتم إنجازه بكل دقة، وإن لم تلتزم بهذا المبدأ فلن تستطيع النجاح. يجب التركيز ايضا على كل أنواع الحماية لكل المنتجات المحلية او الرقمية.
أردت من خلال هذا المقال أن أضعك في بداية الطريق لعالم بيع المنتجات الرقمية، ويمكنك أن تستفيد من الأسس والمبادئ الواردة فيه وتقوم بتطويرها بالشكل المناسب، فالابداع دائما ما يخلق فرصا أكبر، ليس الهدف من هذا الكتاب أن تقتبس النصائح والاستراتيجيات كما هي وتنتظر بعد ذلك الحصول على الربح، بل عليك أن تصنع منتجك وتبني استراتيجياتك الخاصة مستفيدا من الخطوط العريضة التي تحدثنا عنها.
وفي نهاية الحديث، أتمنى أن أكون قد وفقت في تقديم المعلومات المفيدة، وأن تكون قد استفدت قراءتك للصفحات السابقة، كما أشكرك على إعطاء جزء من وقتك لقراءة كتابي المتواضع . اخيرا يمكنكم متابعتنا على صفحتنا في منصة ميديام.