هناك فرق كبير بين لفظتي الاشهر والشهور وربما الكثير لا يفرق بينهما. يمكن ان نستند الى القران الكريم في التمييز بين لفظتي كل من الشهور بالاضافة الى الاشهر. القرآن الكريم يفضل بين كلمة الاشهر او الشهور. ذكرت الشهور عندما ذكر الله أن الشهور هي اثنا عشر وذكر منها أربعة حرم. تم ذكر الاشهر ايضا ولكن للجمع القليل واكبر عدد تم جمعه في كلمة اشهر هي 4 فقط. كلمة الشهر بالمفرد ذكرت كثيرا وتم تثنيتها الى شهرين بالتالي فأن ثلاثة أو أربعة هي الحد الاعلى لكلمة الاشهر عند الجمع. لم تذكر الأعداد من 5 فما فوق لهذا يمكننا جمعها على انها شهور. فلو قلنا 6 يمكن ان نضيف اليها شهور ولكن لو ذكرنا الرقم 4 فيمكن ان نقول الاشهر.
تعريف الشهر الاشهر والشهور
الشهر هو مدة زمنية تتكون من 12 يوم وكل يوم منها يتكون من 24 ساعة . السنة تتكون من 12 شهر ولا يوجد أي شهر يشبه الآخر من حيث عدد الايام. يكون متوسط عدد الأيام في الشهر الواحد هو 30 ولكن هناك أشهر عدد ايامها 28 او 29 أو 30 او 31 يوم بالنسبة الى شهور السنة الميلادية أو الشمسية . الشهور الهجرية او القمرية تتكون اما من 29 أو 30 يوم. كلمة الأشهر تستخدم لجمع القلة فقط. القرآن الكريم ذكر اخر حد من الاشهر هو 4 وما زاد تلقائيا يتحول الى شهور. جمع الشهور في السنة الكاملة هي 12 وذكر الله تعالى شهور السنة القمرية او ما يسمى بالهجرية.
قصة الشهور وتسمياتها
يعود تقسيم الزمن إلى فترات محدودة : أيام وأسابيع وشهور وسنين، إلى عهود مغرقة في القدم، إلى الزمن الذي بدأ فيه الذهن البشري بالتفتح، وخطا فيه الإنسان خطواته الأولى في درب الحضارة. ولعل أول ما لفت نظر الإنسان هو تعاقب الليل والنهار في دورات متلاحقة متماثلة، هي الأيام، ثم تعاقب الفصول، وهي فترات زمنية محدودة تختلف مظاهرها الطبيعية والمناخية والحياتية، فميز بينها، وحدد كل دورة من دوراتها بسنة واحدة، ثم قسم هذه السنة إلى فترات أقصر من الفصول، هي الشهور والأسابيع.
جاء في سفر التكوين : (وقال الله ليكن نور فكان نور، ورأی الله النور أنه حسن، وفصل الله بين النور والظلام، وسمي الله النور نهارة وسمى الظلام ليلا، وكان مساء وكان صباح، يوم واحد) آیات 3 و 4 و 5. وجاء في السفر نفسه : (وقال الله لتكن نيرات في جلد السماء التفصيل بين النهار والليل، وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين وتكون نيرات في جلد السماء لتضيء على الأرض، فكان كذلك، فصنع الله النيرين العظيمين: النير الأكبر لحكم النهار والنير الأصغر لحكم الليل، والكواكب) آیات 14، 16،15. وجاء في القرآن الكريم: (يسألونك عن الأهلة، قل هي مواقیت للناس، والحج) سورة البقرة، الآية 189.
لمحة عن الماضي
راح الإنسان الراصد منذ القدم، يقلب ناظريه بين السماء والأرض مفتونة بجمال الكون، ليوائم بينهما، ويصل إلى ما يعينه في حراكه ومعاشه. وقد رأى في ثبوت المشهد وانتظام الحركة أساسا للقياس والحساب : (الشمس والقمر بحسبان) سورة الرحمن، الآية 5.
ويبدو أن الإنسان، في رحلته عبر الزمان والمكان قد جاز مرحلة العيش في الكهوف والمغاور، والاقتيات بالنبات والثمار، ومرحلة قنص الحيوان وصيده وأكل لحمه والاكتساء بجلده، ثم أستأنس الحيوان ومارس رعي الماشية قبل أن يستنبت النبات ويمارس الزراعة. وقد شد انتباهه، وهو ينتقل في طلب الماء والكلا لأنعامه ، في أرجاء الأرض، مشهد القمر وتغير وجوهه هلا” وبدرة، فاستثار خياله بجمال ضوئه وتبدل حجمه، فأنس به في الليالي الموحشة ووجده أكثر رحمة من الشمس المحرقة التي تثقل على الإنسان في المناطق الحارة.
وهكذا وجد في طلوع القمر واكتماله ومحاقه وانتظام حركته فسحات زمنية يصلح اتخاذها مقياسا للزمن، فابتدأ التقويم قمرية في كل من وادي النيل وبلاد الرافدين، ثم مع نشوء الزراعة وتطورها تحول التقويم شمسيا، أو تم توفيقه مع التقويم الشمسي بدأ ذلك في سهل شنعار، جنوب بلاد الرافدين، دجلة والفرات حيث عاش السومريون والأكاديون والبابليون وأقاموا ممالكهم منذ الألف الرابع قبل الميلاد. قسموا السنة إلى اثني عشر شهرا قمريا، محددين الشهر بالفترة الفاصلة بين ظهور هلالين جدیدین متواليين في السماء، طول بعضها (29) يوما وبعضها الآخر (30) يوما بمجموع قدره (354) يوما .
ولكن بعد ممارسة هؤلاء الزراعة، وملاحظتهم التغيرات الفصلية المناخية على مدار السنة، وما تقتضيه من أعمال حقلية، فكروا بالتوفيق بين السنة القمرية والسنة الشمسية التي تمثل الفترة بين مرورين للشمس من نقطة الاعتدال الربيعي، وهي تتحرك ظاهري حول الأرض، والتي مدتها (365) يوما، و(5) ساعات و(48) دقيقة و(46) ثانية، أي 365,2422 يوما. ولذا أخذ البابليون بنظام الكبس لردم الفارق بين السنتين القمرية
والشمسية الذي يصل إلى (90) يوما، كل ثماني سنوات، ثم انتقلوا إلى إضافة سبعة أشهر كل تسعة عشر عاما لتأمين التطابق الأفضل.
وبعدهم انتقل نظام الكبس أو الزيادة إلى الأقوام الأخرى أخذت بالشهور القمرية. قال ول ديورانت في مؤلفه قصة الحضارة: (إن تقسيم الشهر عندنا إلى أربعة أسابيع وتقسيم أوجه ساعاتنا إلى (12) ساعة وتقسيم الساعة إلى (60) دقيقة والدقيقة إلى (60) ثانية… كل هذه آثار بابلية، لا شك فيها، باقية من أيامهم إلى وقتنا الحاضر وإن كان لا يخطر لنا على باله) 22ج 1 ص 201.
وقال جورج سارتون في كتابه تاريخ العلم: (وصار التقويم البابلي أنموذجا للتقاويم العبرانية والإغريقية والرومانية حتى ظهور التقويم اليولياني المنسوب إلى يوليوس قيصر الرومان عام (46 ق.م) ج1 ص 199. وفي وادي النيل، بمصر، بدأ المصريون القدماء باعتماد السنة القمرية، ثم تحولوا إلى السنة الشمسية وجعلوا السنة (12) شهرا بطول واحد، كل منها (30) يومأ وأضافوا (5) أيام إلى نهاية السنة سموها أيام السيء وكانت تعد عطلة نهاية العام. وقد اعتبروا مبتدأ السنة يوم يقع شروق الشعرى اليمانية (العبور)، إذ ثمة شعری تدعى الغميصاء – وقت شروق الشمس أو قبله قليلا، وهو أول شهر توت. ثم لاحظوا أن سنتهم المؤلفة من (365) يوما تنقص ربع يوم عن سنة الشعري أي ثمة فارق كل (4) سنوات، ولا يتم التوافق إلا بعد مضي (1460) سنة.
ولكن المصريين لم يصححوا هذا الفارق حتى صححه الحساب اليولياني، ويعود التقويم المصري القديم إلى سنة 4341 ق.م. أما تسميات الأشهر، فماذا كان مصدرها؟. يلاحظ أنها مرت بطورين، أولهما: الأرقام العددية ، كما يبدو في الأشهر الرومانية: سبتمبر (السابع)، أكتوبر (الثامن)… وثانيهما: الأسماء المتصلة بالآلهة أو اللوك أو المظاهر الطبيعية مثل : تموز الإله لدى الساميين، ويوليو باسم يوليوس (قیصر روما)، ورمضان من الرمضاء وجمادی من الجهد… أما لفظة الشهر بالعربية فمأتاها أن مدته شهر بالقمر، وجمعه أشهر وشهور.
السلاسل الثلاث
بعد جولتنا العاجلة في الماضي السحيق، مع الأشهر والأيام، ننتقل إلى الحاضر، لنجد أن بلداننا العربية تستخدم ثلاث سلاسل من أسماء الشهور الأولى : تتألف من أسماء الشهور العربية المتصلة بالتقويم الهجري القمري : المحرم، صفر… الخ.
والثانية : تتألف من أسماء الشهور المعربة عن اللغة السريانية والمتصلة بالتقويم الميلادي الشمسي: كانون الثاني، شباط. . الخ والثالثة : تتألف من أسماء الشهور الدخيلة المنقولة عن اللغة الإنجليزية أو اللغة الفرنسية، وبالأصل عن اللاتينية، والمتصلة كذلك بالتقويم الميلادي الشمسي : يناير، فبراير… الخ.
أما السلسلة الأولى فلا خلاف في أصالتها العربية وضرورة الاستمرار في استخدامها والتأريخ بها لمخالطتها الشرق العربي واتصالها بالعقيدة الإسلامية. وأما السلسلتان الأخريان، فإن النظر في اختيار إحداهما وترجيحها على الأخرى، وبالتالي السعي التعميم استخدامها في جميع البلدان العربية، يظل أمر مطلوبة ومرغوب فيه ومندوبة إليه، تجنبا للازدواجية وحرصا على توحيد كل ما يمكن توحيده من شؤون اللغة والثقافة العربيتين.
ويحث على هذا السعي أن عدة الشهور لا تتجاوز اثنتي عشرة لفظة، وهي ليست مصطلحات الميدان علمي خاص تهم أهله العاملين في نطاقه وحدهم، بل هي تهم الناس جميعا في طول البلاد العربية وعرضها، عالمهم وجاهلهم كبيرهم وصغيرهم، إذ هي تدور على السنة الجميع، وفي كل الأوقات والأحوال.
وحرصا على تحصيل معرفة وافية بهذه الأسماء ومعانيها، ومدى استخدام كل منها في البلدان العربية، معرفة توضح ما هو خفي، وتنير جوانب الموضوع، وتعين على الحكم والاختيار، فإننا نقدم لمحة عن كل من هذه السلاسل الثلاث، اعتمادا على ما استقيناه من مراجع عدة، قديمة وحديثة، علما بأن ثمة سلسلتين أخريين محدودتي الاستخدام هما السلسلة القطبية والسلسلة الليبية، سنأتي على ذكرهما بعد ذلك.